منتديات الإبداع المطلق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 المقامة الوَبَريّة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد
عضو مميز
عضو مميز



عدد المساهمات : 225
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 41

المقامة الوَبَريّة Empty
مُساهمةموضوع: المقامة الوَبَريّة   المقامة الوَبَريّة Emptyالسبت مارس 02, 2013 6:56 pm


المقامة الوَبَريّة

حكى الحارِثُ بنُ همّامٍ قال: مِلتُ في رَيِّقِ زَماني الذي غبَرَ. الى مُجاوَرَةِ أهْلِ الوبَرِ. لآخُذَ إخْذَ نُفوسِهِمِ الأبيّةِ. وألسِنَتِهِمِ العربيّةِ. فشمّرْتُ تشْميرَ منْ لا يألو جُهْداً. وجعلْتُ أضرِبُ في الأرضِ غَوْراً ونَجْداً. الى أنِ اقتَنَيْتُ هَجْمَةً منَ الرّاغِيَةِ. وثَلّةً منَ الثّاغِيَةِ. ثم أوَيتُ الى عرَبٍ أرْدافِ أقْيالٍ. وأبناءِ أقوالٍ. فأوْطَنوني أمنَعَ جَنابٍ. وفلّوا عنّي حدّ كُلّ نابٍ. فما تأوّبَني عندَهُم همٌّ. ولا قرَعَ صَفاتيَ سهْمٌ. الى أنْ أضْلَلْتُ في ليلَةٍ مُنيرةِ البدْرِ. لَقْحةً غَزيرَةَ الدَّرّ. فلمْ أطِبْ نفْساً بإلْغاء طلَبِها. وإلْقاءِ حبْلِها على غارِبِها. فتدثّرْتُ فرَساً مِحْضاراً. واعتقلْتُ لَدْناً خطّاراً. وسرَيْتُ ليْلَتي جمْعاءَ. أجوبُ البَيداءَ. وأقْتَري كلَّ شجْراء ومَرْداء. الى أن نشرَ الصّبْحُ راياتِهِ. وحَيْعَلَ الدّاعي الى صَلاتِهِ. فنزَلْتُ عنْ متْنِ الرَّكوبَةِ. لأداء المكْتوبَةِ. ثمّ حُلْتُ في صهْوَتِها. وفرَرْتُ عنْ شحْوَتِها. وسِرْتُ لا أرى أثَراً إلا قفَوْتُهُ. ولا نشَزاً إلا علَوْتُهُ. ولا وادِياً إلا جزَعْتُهُ. ولا راكِباً إلا استَطْلَعْتُهُ. وجِدّي مع ذلِكَ يذهَبُ هدَراً. ولا يجِدُ وِرْدُهُ صدَراً. الى أن حانَتْ صَكّةُ عُمَيٍّ. ولفْحُ هَجيرٍ يُذْهِلُ غَيْلانَ عنْ مَيٍّ. وكان يوْماً أطْوَلَ من ظِلّ القَناةِ. وأحَرَّ منْ دمْعِ المِقْلاتِ. فأيقَنْتُ أني إنْ لمْ أستَكِنّ منَ الوَقْدَةِ. وأستَجِمّ بالرّقْدَةِ. أدْنَفَني اللُّغوبُ. وعلِقَتْ بي شَعوبُ. فعُجْتُ الى سرْحَةٍ كَثيفَةِ الأغصانِ. وريقَةِ الأفْنانِ. لأغَوّرَ تحْتَها الى المُغَيرِبانِ. فوَاللهِ ما اسْتَرْوَحَ نفَسي. ولا اسْتَراحَ فرَسي. حتى نظَرْتُ الى سانِحٍ. في هيئَةِ سائِحٍ. وهوَ ينتَجِعُ نُجْعَتي. ويشتَدّ الى بُقعَتي. فكرِهْتُ انْعِياجَهُ الى مَعاجي. فاستعَذْتُ باللهِ منْ شرّ كُلّ مُفاجي. ثمّ ترجّيْتُ أن يتصدّى مُنشِداً. أو يتبدّى مُرشِداً. فلمّا اقترَبَ منْ سرْحَتي. وكادَ يحِلّ بساحَتي. ألفَيْتُهُ شيخَنا السَّروجيَّ مُتّشِحاً بجِرابثهِ. ومُضْطَغِناً أُهْبَةَ تَجْوابِهِ. فآنسَني إذْ وردَ. وأنْساني ما شرَدَ. ثمّ استَوْضَحْتُهُ منْ أينَ أثَرُهُ. وكيفَ عُجَرُهُ وبُجَرُهُ? فأنشَدَ بَديهاً. ولمْ يَقُلْ إيهاً:
قُلْ لمُستَطلِـعٍ دَخـيلَةَ أمـري لكَ عِنـدي كَـرامَةً وعَـزازَهْ
أنا ما بينَ جوْبِ أرضٍ فـأرْضٍ وسُرًى في مَفازَةٍ فـمَـفـازَهْ
زادِيَ الصّيدُ والمَطيّةُ نـعْـلـي وجَهازِي الجِرابُ والعُـكّـازَهْ
فإذا ما هبَطْتُ مِصْراً فبَـيْتـي غُرفَةُ الخانِ والنّـديمُ جُـزارَهْ
ليسَ لي ما أُساءُ إنْ فاتَ أوْ أح زَنُ إنْ حاولَ الزّمانُ ابتِـزازَهْ
غيرَ أني أبيتُ خِلْـواً مـنَ الـه مّ ونَفْسي عنِ الأسى مُنْحـازَهْ
أرْقُدُ الليلَ مِلْءَ جَفْني وقَلْـبـي بارِدٌ مـنْ حَـرارةٍ وحَـزازَهْ
لا أُبالي منْ أيّ كـأسٍ تـفـوّقْ تُ ولا ما حَلاوَةٌ مـنْ مَـزازَهْ
لا ولا أستَجيزُ أن أجـعَـلَ الـذ لّ مَجازاً الى تسَـنّـي إجـازَهْ
وإذا مطْلَبٌ كسـا حُـلّةَ الـعـا رِ فبُعْداً لمَـنْ يَرومُ نَـجـازَهْ
ومتى اهتزّ للـدّنـاءةِ نِـكْـسٌ عافَ طبْعي طِباعَهُ واهتِـزازَهْ
فالمَـنـايا ولا الـدّنـايا وخـيْرٌ من رُكوبِ الخَنا رُكوبُ الجِنازَهْ

ثم رفعَ إليّ طَرْفَهُ. وقال: لأمْرٍ ما جدَعَ قَصيرٌ أنفَهُ. فأخبَرْتُهُ خبرَ ناقَتي السّارِحةِ. وما عانَيْتُهُ في يومي والبارِحَةِ. فقال: دعِ الالْتِفاتَ. الى ما فاتَ. والطِّماحَ. الى ما طاحَ. ولا تأسَ على ما ذهبَ. ولوْ أنهُ وادٍ منْ ذهبٍ. ولا تستَمِلْ مَنْ مالَ عنْ ريحِكَ. وأضْرَمَ نارَ تَباريحِكَ. ولوْ كان ابنَ بوحِكَ. أوْ شَقيقَ روحِكَ. ثمّ قال: هلْ لكَ في أن تَقيلَ. وتتحامَى القالَ والقيلَ? فإنّ الأبْدانَ أنْضاءُ تعَبٍ. والهاجِرَةَ ذاتُ لهَبٍ. ولنْ يصْقُلَ الخاطِرَ. ويُنشّطَ الفاتِرَ. كقائِلَةِ الهَواجِرِ. وخُصوصاً في شهْرَيْ ناجِرٍ. فقلتُ: ذاكَ إليْكَ. وما أُريدُ أنْ أشُقّ علَيْكَ. فافتَرَشَ التُّرْبَ واضْطجَعَ. وأظْهَرَ أنْ قدْ هجَع. وارتَفَقْتُ على أن أحرُسَ. ولا أنْعَسَ. فأخَذَتْني السِّنَةُ. إذْ زُمّتِ الألسِنَةُ. فلمْ أُفِقْ إلا والليلُ قد تولّجَ. والنّجْمُ قد تبلّجَ. ولا السّروجيّ ولا المُسرَجَ. فبِتُّ بلَيلَةٍ نابِغيّةٍ. وأحْزانٍ يَعقوبيّةٍ. أُساوِرُ الوُجومَ. وأُساهِرُ النّجومَ. أفكّرُ تارَةً في رُجْلَتي. وأخْرى في رَجْعَتي. الى أنْ وضَحَ لي عِندَ افتِرارِ ثغْرِ الضّوّ. في وجْهِ الجوّ. راكِبٌ يخِدُ في الدّوّ. فألْمَعْتُ إليْهِ بثَوْبي. ورجوْتُ أن يُعَرّجَ الى صوْبي. فلمْ يعْبأ بإلْماعي. ولا أوى لالْتِياعي. بلْ سارَ على هَيْنَتِهِ. وأصْماني بسهْمِ إهانَتِهِ. فأوفَضْتُ إلَيْهِ لأستَرْدِفَه. وأحْتَمِلَ تغطْرُفَهُ. فلمّا أدرَكْتُهُ بعْدَ الأينِ. وأجَلْتُ فيهِ مسْرَحَ العينِ. وجدْتُ ناقَتي مَطيّتَهُ. وضالّتي لُقطتَهُ. فما كذّبتُ أنْ أذْرَيْتُهُ عن سَنامِها. وجاذَبْتُهُ طرَفَ زِمامِها. وقلتُ لهُ: أنا صاحِبُها ومُضِلُّها. ولي رِسلُها ونسْلُها. فلا تكُنْ كأشْعَبَ. فتُتْعِبَ وتَتْعَبَ. فأخذَ يلْدَغُ ويَصْئي. ويتّقِحُ ولا يَستَحْيي. وبَيْنا هوَ ينْزو ويَلينُ. ويستَأسِدُ ويسْتَكينُ. إذْ غَشينا أبو زيْدٍ لابِساً جِلدَ النّمِرِ. وهاجِماً هُجومَ السّيلِ المُنهَمِرِ. فخِفْتُ واللهِ أنْ يكونَ يومُهُ كأمْسِهِ. وبدرُهُ مثلَ شمْسِهِ. فألحَقَ بالقارِظَينِ. وأصيرَ خبَراً بعْدَ عَينٍ. فلمْ أرَ إلا أنْ أذكَرْتُهُ العُهودَ المنسيّةَ. والفَعْلَةَ الإمْسيّةَ. وناشَدْتُهُ اللهَ. أوافَى للتّلافي. أمْ لِما فيهِ إتْلافي. فقال: مَعاذَ اللهِ أنْ أُجهِزَ على مَكْلومي. أو أصِلَ حَروري بسَمومي! بلْ وافَيْتُكَ لأخْبُرَ كُنْهَ حالِكَ. وأكونَ يَميناً لشِمالِكَ. فسكَنَ عندَ ذلِك جاشِي. وانْجابَ استِيحاشي. وأطلَعْتُهُ طِلْعَ اللِّقْحَةِ. وتبَرْقُعَ صاحِبي بالقِحَةِ. فنظَرَ إلَيْهِ نظرَ ليْثِ العِرّيسَةِ. الى الفَريسَةِ. ثمّ أشْرَعَ قِبَلَهُ الرّمْحَ. وأقْسَمَ لهُ بمَنْ أنارَ الصبْحَ. لَئِنْ لمْ ينْجُ مَنْجَى الذُّبابِ. ويرْضَ منَ الغَنيمَةِ بالإيابِ. لَيورِدَنّ سِنانَهُ وَريدَهُ. ولَيَفْجَعَنّ بهِ وَليدَهُ ووَديدَهُ. فنبَذَ زِمامَ النآقَةِ وحاصَ. وأفلَتَ ولهُ حُصاصٌ. فقال لي أبو زيدٍ: تسَلّمْها وتسَنّمْها. فإنّها إحْدى الحُسْنَيَينِ. ووَيْلٌ أهوَنُ من وَيْلَينِ. قال الحارثُ بنُ همّامٍ: فحِرْتُ بينَ لوْمِ أبي زيدٍ وشُكْرِهِ. وزِنَةِ نفْعِهِ بضُرّهِ. فكأنّهُ نوجِيَ بذاتِ صدْري. أو تكهّنَ ما خامَرَ سِرّي. فقابلَني بوجْهٍ طَليقٍ. وأنشدَ بلِسانٍ ذَليقٍ:
يا أخي الحامِلَ ضَيْمـي دونَ إخْواني وقوْمـي
إنْ يكُنْ ساءكَ أمْسـي فلقَـدْ سـرّكَ يوْمـي
فاغْتَـفِـرْ ذاكَ لِـهـذا واطّرِحْ شكري ولوْمي
ثمّ قال: أنا تَئِقٌ. وأنتَ مَئِقٌ. فكيْفَ نتّفِقُ? وولّى يفْري أديم الأرضِ. ويرْكُضُ طِرْفَهُ أيّما رَكْضٍ. فما عدَوْتُ أنِ اقْتَعَدْتُ مَطيّتي. وعُدْتُ لطِيّتي. حتى وصلْتُ الى حِلّتي. بعدَ اللّتَيّا والتي.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المقامة الوَبَريّة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المقامة الحُلوانيّة
» المقامة النّصيبيّة
» المقامة المَلْطِيّة
» المقامة الدّينارية
» المقامة الفارقيّة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الإبداع المطلق :: منتديات الشعر والأدب العربي :: قسم الأدب العربي :: مقامات الحريري-
انتقل الى: