حَقلُ أَنغامٍ ـ ـ حسنين مهدي

حسنين مهدي

قصيدة للمشاركة

حَقلُ أَنغامٍ

هـا أَنـتَ فـي الـتِّيهِ ! رِيـحٌ غَـيرُ مُـدرِكَةٍ
كُـنْـهَ الـهُـبُوبِ .. ولَا اخـتَطَّتْ لَـها دارا !

تَـخـتالُ فـي الـصَّحوِ حُـلْمًا بَـينَ أَنـجُمِهِ
تَـقـاذَفَـتهُ الـــرُّؤَى عَـــن ثَـوبِـهـا عَــارا !

يَـنـتـابُكَ الــخَـوفُ خَــوفًـا مِــن مَـعـازِفِهِ
تَـرجُـو الـسُّـكونَ عَـلَـى ضَـوضـائِهِ نــارا

لَا تُـتـقِـنُ الــدِّفْءَ ؛ لَــم تُـخـلَقْ لِـزَخَّـتِهِ
بَــوحًـا ؛ فــمـا كَـتَـمَتْ عَـيـناكَ أَســرارا

... ها أنتَ في التِّيهِ ! وَشْمٌ في تَمَرُّدِهِ
أَهْـــــدَى تَـــشَــرُّدَهُ لــلـرَّمْـلِ تَــذكَــارا

لَــبَّـت رَوَايـــاهُ مِـــن َأعــمـاقِ غَـفـلَـتِها
فــارتَـدَّتِ الـسَّـعْـلَةُ الـبَـلْـهاءُ إِعْــصـارا !

تَـــرْوِي الــهُـدُوءَ عَـلَـى أَغـصـانِ ثَـورَتِـهِ
عَــزْفًـا يُـشَـجِّـرُ فـــي الـصَّـحراءِ أَنـهـارا

تَـسـقِي الـوُجُـودَ فـتَـهتَزُّ الـمُـنَى طَـرَبًا
لِـغَـفـوَةِ الــمَـاءِ فـــي الآفـــاقِ أَقــمـارا

وَأَنـــتَ فـــي الـتِّـيهِ تِـيـهٌ لَا يُـعِـدُّ غَــدًا
لِـوَجْـبـةِ الــمَـوتِ فـــي نُـعـماهُ إِفـطـارا

ولَا يَـــمُــدُّ إِلـــــى أَكـــوانِــهِ غَــبَــشًـا
عَــــلَّ الــعَــراءَ الَّـــذي أَغـــواهُ إِبــحـارا

يَـنـسَـى مَـرايـاهُ فــي إِغْـفـاءِ مَـوجَـتِهِ
فــي عُـهْدَةِ الـجَمْرِ خَـمْرًا لـلنَّدى سـارا

زَحــفًـا عــلـى الــرُّوحِ مُـرتـادًا لِـصَـبوَتِهِ
لَا يَـسـتَـفِزُّ جَـفـافًـا فـــي الـثَّـرَى وَارَى

ذِكْــــرَى حَـبـائِـلِـهِ ؛ يَـصْـطـادُ أَجـنِـحـةً
تُــذكِـي بِـــهِ لَـهـفـةُ تَـهـدِيـهِ إِنْ جـــارا

دَرْبَ الـضَّـلالِ ظِــلالًا فــي رُبــى أَمــلٍ
تَـحثُو عَـلَى الشَّمسِ عُمْقَ اللَّيلِ أَنوارا

... ها أنتَ في التِّيهِ ! لَم تَنسِجْ مَفاوِزَهُ
ولَا نَـقَـشْـتَ عَــلَـى الأَبــعـادِ إِشــعـارا

تَــرنُــو لِـكَـفَّـيـهِ عَــرَّافًــا عَــلَــى ثــقـةٍ
مِــن الـضَّـياعِ يُــرَوِّي الـصَّـمتَ أَشـعـارا

تَـــذْرُو بـقـايـاهُ فـــي غَـيـمِ الـفَـناءِ يَــدًا
قَــدْ لَـوَّحَتْ لـلمَدَى .. فـاختارَها جَـارا !!